تحميل رواية ، 366 ، للروائي السوداني أمير تاج السر
نبذة عن الكتاب
‘يحتفي الروائي أمير تاج السر في رواية ’366′ بطريقته الخاصة جدا بتلك القصة الشهيرة في تراثنا الأدبي العربي والمعروفة’بـ’قيس وليلى’ حين نشب حب ليلى أظافره عميقة في قلب قيس بن الملوح فمزقه من الداخل فقضى قيس زمنا أخيرا من عمره يناجي ويطوف ويبحث عن التي سكنت فؤاده ولن تبرحه أبدا.
فظل ينشد حرقته وأرقه وهو يجري وراء القبض عمن تسعد حياته، لو قدر لها أن تكون معه بدون قيود القبيلة وموانعها التي تزيد كيانه احتراقا فينتهي به مصير عشقه لليلى بالتيه في الصحراء والتلاشي في فضائها العاري والحارق إلى أن صار جثة هامدة تحمل وشم حب لم يفارق كيان صاحبها ولو في لحظة صغيرة…وإذا كانت قصة المجنون قد جاءتنا شعرا وإنشادا موجعا ومتأوها بالحرقات فإن أمير تاج السر اختار لـ’الكيميائي’ وعشيقته ‘أسماء’ التي سيلمحها في ليلة خميس بمناسبة حفلة زفاف أحد أفراد عائلته ، والتي ستظل طوال صفحات الرواية بمثابة خيط من دخان، أو من سراب، أن تأتي حكايتهما سردا روائيا ممتعا بما للروائي من قدرة على صنع عوالم شيقة وساحرة تأخذ بلب القارىء، سيصل به الحال’أي القارىء’ إلى حد التعاطف مع مدرس الكيمياء الذي يستقيل من مهنة التدريس ‘ليشتغل’ في البحث عن تلك التي حملت في ليلة عرس جمرة عشق فشقت قلبه لتزرعها فيه وتغلقه على حمرة لظاها، ليعيش من اللحظة نفسها مخطوفا يتتبع أخبارها ويتقصى عنها في الحي الراقي ‘البستان’ الذي أشارت له حاسته التخمينية أنها لن تكون إلا من خامات ساكني هذا الحي الباذخ لما رآه عليها في تلك الليلة الخميسية من آثار الرفاه والنعمة، فظل يجري ويبحث إلى أن ينتهي به المطاف إلى الخيبة خاصة لما سمع أن أحد الموظفين السامين سيتزوج واحدة في حي البستان تحمل اسم ‘أسماء’ فخالها بأن هي أسماء التي قضى ماتبقى من عمره يجري وراء العثور عليها لمدة سنة كاملة دون جدوى، فيقرر أن تكون آخر ليلة من العمر، هي ليلة زفاف أخرى، وكأنه أراد أن ينتهي قدر محنته بليلة تشبه ليلة بدايته، فيختار أن يستلقي على الفراش الذي أحس به لا يشبه نفس الفراش الذي اعتاد النوم عليه، بعد أن رتب كل أشيائه الصغيرة والفقيرة وكنس بيته وطاف على أماكن لها وقع خاص وحظوة في نفسه، ليبتلع كميات من العقاقير أحضرها من صيدلية حي المساكين، لتؤدي به إلى الموت بعد أن شرب عليها كوبا من الماء، فيكون بهذا هو ‘قيس′ القرن الواحد والعشرين الذي لم ينته إلى جنون التوهان في الشوارع والحارات وفي فضاءات المدينة الخالية، بل اختار إحدى مبتكرات العلم وهي العقاقير السامة لينهي بها مسار تطواف خائب وراء حب إمرأة ظلت هلامية لم يظهر لها أثر منذ رمت جمرتها الملتهبة في قلب مدرس الكيمياء الذي صار يعتبر كلما سمع باسم ‘أسماء’ أن المتحدث لا يقصد إلا ‘أسماء’ واحدة هي الطيف الذي عشقه منذ ليلة العرس فعاش يدون رسالته يوما بيوم طيلة سنة ويوم آخر يحمل إليها فيها لواعجه ونهايته فيوقعها باسم المرحوم فيغيب عن الدنيا.
الطريف في رواية ’366′هو أننا إذا كنا نعرف من هو قيس ومن هي ليلى، ومن يكون جميل بن معمر ومن تكون عزة في تراثنا العربي كأجمل شواهد على حب عاصف ومجنون ينتهي بصاحبه إلى الجنون والضياع ثم الموت فإننا في هذه الرواية لانعرف عن الطرف الآخر من قصة العشق إلا الإسم، فصرنا مثل مدرس الكيمياء تماما نجري معه وراء طيف وخيط من دخان لا يلوح منه إلا الإسم الذي حفظناه من كثرة ترداده على لسان العاشق الولهان، وعرفنا بعض الملامح الخارجية كما رأتها عينه خطفا في ليلة العرس، فقرر أنها تنتمي للذوات ومن ذوي النعمة، وأنها لابد تسكن في الحي الراقي في المدينة، فصار هذا الحي مقاما له، يذرعه ويأتيه كلما سنحت له ظروف التدريس، إلى أن صار مع الوقت يقيم في حي البستان دون أن يسكن فيه، يظل ويمسي يبحث ويسأل عن التي سكنت روحه، فيتلقى ردودا أحيانا تكون مهينة ومحبطة، فيهضمها بسرعة، ويرى أنها لا تنقص من شخصه شيئا، فالعاشق معرض لمثل هذه الردود الساخرة والحاطة من الكرامة، وعليه أن يتحمل في سبيل الوصول إلى اللقاء بالمعشوقة، فكل شيء يهون أمام الوقوف وجها لوجه معها، ولو أدى الأمر إلى التخلي عن وظيفة التدريس في مرحلة ما من رحلة البحث المضنية والمتعبة للقبض على خيط الطيف الساكن في الروح. فالكيميائي صار يتخلى عن شؤونه اليومية، عن الحياة كلها لما قرر أن يتخلى عن وظيفته كليا ليتفرغ للبحث عن التي طيفها واسمها في القلب، فوظيفة التدريس، سيعوضها بوظيفة أخرى أعظم وأنفع، وهي الإشتغال عند ‘أسماء’ التي حين يسأله مدير المدرسة لما قدم له طلب الاستقالة ينتظر منه التوقيع والإعفاء، ‘من تكون هذه الـ’أسماء’؟’ فيشير الأستاذ إلى قلبه ويقول ‘إنها هنا’، فينظر إليه المدير نظرة إشفاق ، تشير إلى أن الذي يقف أمامه قد بدأ فعلا ينزل درجات سلم الجنون وسيأتي يوم يكون في القعر، ولن يستطيع منه الشفاء.’
رواية حب خائب، أحيانا تثير السخرية إلى حد الإشفاق عن مدرس الكيمياء لشدة بلاهته أو طيبته وصفاء سريرته، حب أقنع نفسه بأنه الحب الذي سيسعد حياته، ويملؤها بالغبطة، وبقدر ما هو مقتنع بذلك، ويجهد من أجل تحقيقه في الواقع. بقدر ما كان يغوص في البلاهة ونقيض ما انتظره من حبه إلى أن صار إلى العدم والغياب يجد فيه تعويضا عن خيبة رجائه وبحثه وتضحيته…
التحميل
http://goo.gl/rGu6p9